ما معنى مدد يا أبا العينين أو مدد يا سيدي فخر الدين و ما حكمها في الشرع، و ما معنى الإستغاثة بالصالحين أحياء كانوا أم أمواتاً و ما هو حكمها
بارك الله فيكم جميعا
- رقم السؤال : 6356
- burhaniya
- نوفمبر 6, 2024
ما معنى مدد يا أبا العينين
الإجابة : المدد:
المدد هو طلب الزيادة من نفس النوع، وقال سبحانه (كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا) قال الإمام ابن عجيبة: كل واحد من الفريقين نمد بالعطاء مرة بعد أخرى، هؤُلاءِ المريدين للدنيا، وَهَؤُلاءِ المريدين للآخرة، نُمد كلا مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ في الدنيا، وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ فيها مَحْظُوراً ممنوعًا من أحد، لا يمنعه في الدنيا مؤمن ولا كافر، تفضلاً منه تعالى.
وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَت الدُّنيا هَمَّهُ، فَرَّقَ اللهُ عَلَيْه أمْرَه، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، ولَمْ يَأتِهِ مِنَ الدُّنْيا إلا ما قُسِمَ لَهُ. ومَن كَانَتِ الآخرةُ نيته، جَمَعَ اللهُ عليه أمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ في قَلْبه، وأتتْهُ الدُنيَا وهي صاغرة»، واعلم أن الناس على قسمين قوم أقامهم الحق لخدمته، وهم: العباد والزهاد، وقوم اختصهم بمحبته، وهم: العارفون بالله أهل الفناء والبقاء، قال تعالى: كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ، وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً. انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ في الكرامات والأنوار، وفي المعارف والأسرار. وفضلُ العارفين على غيرهم كفضلِ الشمس على سائر الكواكب، هذا في الدنيا، وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا، يقع ذلك بالترقي في معارج أسرار التوحيد، وبتفاوت اليقين في معرفة رب العالمين.
ويقول سبحانه (رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) ومن هنا يطلب الأحبة مددا من الذى أفاض المولى به على أهل البيت وهو الرحمة والبركة، وليس هناك غضاضة في ذلك فقد قال سيدنا جبريل للسيدة مريم (إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا) فالواهب هنا سيدنا جبريل مع أن الواهب المولى سبحانه… وهكذا
الاستغاثة:
الاستغاثة وطلب العون نوع من أنواع التوسل، فالاستغاثة وطلب العون من أخيك المسلم قد أيده الشارع الحكيم، فقد قال سبحانه على لسان سيدنا سليمان أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا38 النمل، لماذا سأل سيدنا سليمان جنده إحضار عرش ملكة سبأ من اليمن إلى أرض كنعان ولم يسأل الله!! هذا ليُعَلِّم الأمم من خلفه أن هناك أناس جعلهم الله لقضاء حوائج الناس لقوله ﴿إن لله عبادًا اختصهم بحوائج الناس يفزع الناس إليهم فى حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب الله﴾ وذكره تمام فى فوائده عن أنس بن مالك بلفظ ﴿إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا اخْتَصَّهُمْ لِقَضَاءِ حَوَائِجِ النَّاسِ، آلَى عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ بِالنَّارِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ خَلَوْا مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُحَدِّثُهُمْ وَيُحَدِّثُونَهُ وَالنَّاسُ فِى الْحِسَابِ﴾ وأخرجه الطبرانى فى مكارم الأخلاق عن سيدنا عبد الله بن عمر رضى الله عنهما بلفظ ﴿إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَلْقًا خَلَقَهُمْ لِحَوَائِجِ النَّاسِ يَفْزَعُ إِلَيْهِمُ النَّاسُ فِي حَوَائِجِهِمْ، أُولَئِكَ الْآمِنُونَ غَدًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ﴾.
كما يقول سبحانه وتعالى وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ82 الإسراء، وقال وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ107 الأنبياء، وقال رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ73 هود، هذه الآيات مطلقة لم يقيدها الله ورسوله بزمن معين، ألسنا فى حاجة إلى شفاء القرآن ورحمة رسول الله وبركة أهل البيت لأن القرآن صالح لكل العصور، ألا ترى أنك إذا مرضت تذهب إلى الطبيب للشفاء مع أن الشافى هو الله، وتذهب الى الشيخ لتتلقى القرآن منه مع أن معلم القرآن هو الرحمن لقوله تعالى الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ1، 2 الرحمن،…الخ.
وأخرج الترمذى فى سننه عن سيدنا أبى هريرة قال قال ﴿مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ فِى الدُّنْيَا يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ فِى الدُّنْيَا سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ فِى عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِى عَوْنِ أَخِيهِ﴾ ولم يقل (والله فى عون العبد مادام العبد فى عون الله) فهذا إقرار نبوى بصحة طلب العون من بعضنا البعض والظاهر فى قوله ﴿وَاللَّهُ فِى عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِى عَوْنِ أَخِيهِ﴾ وتأمل أيضًا قوله ﴿وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا﴾ مع أن الله هو الستار!! وهذا طبيعى وليس هناك أدنى ذرة للشرك.
وأخرج الحافظ السيوطى فى جمع الجوامع وجامع الأحاديث منها:
عن سيدنا على بن أبى طالب كرم الله وجهه قال قال ﴿مَنْ مَشَى فِى عَوْنِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، أَوْ مَنْفَعَتِهِ فَلَهُ ثَوَابُ الْمُجَاهِدِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ﴾.
وعن سيدنا عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال قال ﴿من أعان أخاه المضطر ثبت الله قدميه يوم تزول فيه الجبال﴾.
وعن سيدنا عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال قال ﴿من أعان مسلمًا بكلمة أو مشى له خطوة حشره الله يوم القيامة مع الأنبياء والرسل آمنا وأعطاه على ذلك أجر سبعين شهيدًا قتلوا فى سبيل الله﴾.
وأنه قال ﴿من أعان مؤمنًا على حاجته وهب الله له ثلاثًا وسبعين رحمة، يصلح الله له دنياه وأخر له اثنين وسبعين رحمة مذخورة فى درجات الجنة﴾.
وأخرج البيهقى في شعب الإيمان عن سيدنا أنس أن رسول الله قال ﴿مَنْ أَغَاثَ مَلْهُوفًا كَتَبَ اللهُ لَهُ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ مَغْفِرَةً، وَاحِدَةٌ فِيهَا صَلَاحُ أَمْرِهِ كُلِّهِ، وَثِنْتَانِ وَسَبْعُونَ لَهُ دَرَجَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾.
وعن سيدنا عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال قال ﴿من مشى لأخيه فى حاجة فإنى قائم يوم القيامة حرار ميزانه إن رجح وإلا شفعت له﴾.
وقد سبق ذكر حديث الإستغاثة برسول الله فى باب التوسل عندما قحط الناس وقول الأعرابى (وَأَيْنَ فِرَارُ النَّاسِ إِلاَّ إِلَى الرُّسْلِ).
وختامًا..
فإن الحق سبحانه يأمر عباده بتلبية استغاثة عباده المهزومين لينصروهم فى الدين فيقول سبحانه وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِى الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ72 الأنفال، ولم يقل سبحانه (فعلينا النصر)!!
Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram
LinkedIn